الكعكة التصويتية

الفراغ الذي خلفه الحزب الوطني بسقوطه المدوي بعد ثورة يناير الشعبية كان مغري للجميع لتأسيس أحزاب عسى أن تنال شطيرة من  الكعكة التي سقطت فجأة من السماء.. دعونا نعترف أن السياسة لعبة انتهازية ودعونا نتفق ولو جدلا أن حتى الغايات السليمة تحتاج احيانا الى طرق ملتوية لتحقيقها..
كاتب هذه السطور كثيرا ما ينعت بالميكافيلية رغم انه لم يقرأ كتاب الأمير بقد ما قرأ عنه..
الحقيقة أن تجربتي الحزبية تبدأ من بعد الثورة بشهر.. ليست عميقة لكنها في ذات الوقت جاءت في مرحلة مفصلية من تاريخ الحياة الحزبية..
الحديث داخل الحزب عن أي دعاية للحزب هو من الأمور الشيقة لكنها للأسف تفتقد  الرؤية الواسعة والقراءة الجيدة للمشهد التاريخي والظرف السياسي ناهيك عن ضعف الموارد  وهي ليست بمعضلة بالمناسبة.
الحديث عن الحياة الحزبية يبدأ دائما بما بدأنا به هذا المقال.. أضف لذلك انه أصبح من المسلمات أن الفريق الأكثر تنظيما هو الذي تسقط التفاحة في حجره بلغة مجازية..
عن نفسي عندما أبدأ أي حديث عن الانتشار في الشارع أبدأ بقول "الاخوان المسلمين بيعملوا كذا".. وقد يكون هذا شئ ممل أن يتكرر  أو من مداعي الشفقة أن يكون كل همنا كحزب أن ننافس الاخوان المسلمين أو نناطحهم..
الاختلافات الأيديولوجية بين أي حزب ليبرالي والاخوان المسلمين تزيد وتقل حسب رغبة المتكلم ولست بصدد تعديدها..
القصد أن الأخذ بتجارب الاخرين أيا كانوا مختلفين عنا أو حتى أعداء هو سمة تفكير لدي ولدى بعض الناس بل ان أحدهم فكر في طباعة كتاب ديني وكتابة اسم الحزب في مؤخرته..
في مرحلة ما من النضوج الحزبي كان الفرد يقتدي بالحزب الوطني في سبل انتشاره أو قل بالأدق دعايته هذا النضوج -الذي تطور - الى محاكاة أو مجاراة الأخوان المسلمين- اثبت لي أن الجميع الشرير والخير يسعى لحل محل الحزب الوطني المنحل ولو بنفس أساليبه..
وهذا يؤكد لي أن السلطة في البداية تكون وسيلة للأخيار ثم تتحول الى غاية فيفسد الأخيار وتفسد غاياتهم وتفسد السلطة نفسها..
ابالطبع اتوقع أن ينجو البعض من هذا الفخ  وأتساءل عما هو سبب نجاتهم؟ في ظني الأمر كثيرا ما يعتمد على النوايا ويعتمد طبعا على مدى تغلغل الديمقراطية في أدمغة السياسيين..
الأيديولوجية تلعب دولرا كبيرا في هذا الأمر والأمثلة كثيرة في التاريخ وتستطيع أن تعتبر هذا رميا في حق الاسلاميين خاصة ان كثيرا منهم غير واضح  النهج ويتلونون بطريقة توحي أو تؤكد أنهم مدفوعين دفعا..
اختصارا  فاني لست بصدد تخوين البعض بقدر ما أتامل في الحياة الحزبية بصورة سطحية
هذه السطحية تقول أن هناك لغة مفقودة بين الأحزاب الجديدة المدنية منها خاصة وبين الشارع الذي تاثر سلبا بثلاثين عاما من الظلام.. هذه اللغة المفقودة يستعيض الاسلاميين بالدين عنها وهو مصدر فزع للمعسكر الاخر الذي وان كان متدينا مثل باقي المصريين فانه لا يجيد مثل هذه اللغة..
الأكيد أن هذه اللغة ستفقد بريقها يوما ما مع انتشر حركة التنوير وحتى هذا الحين لايملك أي حزب طموح الا ان يصنع تاريخا من المواقف حتى ولو كانت رخيصة حتى اذا تسنى للشارع أن يبحث بموضوعية عن هذا الحزب لا يجد الا مواقف مشرفة وصفحة خالية قدر المستطاع من الأخطاء..
بقي أن أقول أن هناك طرق كثيرة للتواصل مع الشارع لا تحتاج الى تكلفة مادية لكننا لا نستغني عن الكلمة كبشر
ابراهيم نجم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Followers

Featured Posts