ملحوظتين على هامش الأزمة


"قبل المغرب سبنا السلاح.. وقعدنا نجهز فى الفطار وبدأنا ناكل وبعد 5 دقائق من الأذان.. ودخلوا علينا وإحنا بناكل وأطلقوا علينا الرصاص بكثافة.. دول خدونا على خوانة.. خدونا على خوانة.. قال ولم يتوقف عن البكاء وهو يقول: «كل زمايلى راحوا قدام عينى». "


هكذا كانت شهادة الناجي الوحيد من مذبحة رفح في رمضان الماضي .. جندي يشتكي من ان المعتدين يجب أن يعطوا إنذارا قبل الهجوم !!!

هل هذا هو مفهوم المجند لفكرة الجاهزية والاستعدادية العسكرية ؟

منذ عدة أيام ذهبت لتوصيل زيارة لأحد الأصدقاء الذي بدأ لتوه في قضاء خدمته العسكرية الإجبارية كانت الزيارة في أغلبها عبارة عن مأكولات ومخبوزات و"إندومي" .. جلست يوما كامل أتندر على هذا الجيش الذي يأكل مجنديه "الإندومي" !!

في اعتقادي ان فكرة التجنيد الإجباري فكرة فاشلة وبدون الدخول في خلاف وجدال الحقوق والحريات وورأيي معروف في هذا الشأن ؛ لكن ما أقصده بفشل التجنيد الإجباري هو انه يجلب الميوعة والحياة اللينة المدنية لمعسكرات الجيش وأن المواطن المدني - مثلي- الذي يقضي فترة تجنيده الإجباري ليس إلا عبء على المؤسسة العسكرية وأنه مثله مثل أي مدني لا يبحث عن شئ سوى الراحة .. فهل من يبحث عن الراحة سيكون هو الشخص الملائم ليوضع في وحدة عسكرية على الحدود مع اسرائيل أو في منطقة بها نشاط إرهابي متوغل ؟

  إلا إذا كان الغرض من التجنيد التشغيل في مجالات غير عسكرية مثل بناء الكباري والمدارس لصالح الدولة او العمل في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بأجر زهيد .. أعتقد حينها أن ملايين الشباب العاطل أولى بهذه الوظائف وبأجور حقيقية من قواته المسلحة التي لا تتوانى خدمة الوطن في كل المجالات ..
********************* 

نفس الأمر يتكرر في حادث اختطاف الجنود المصريين بواسطة جماعات إرهابية في سيناء .. لكن لي ملاحظة أخرى بخصوص العمليات العسكرية في مصر – وهي في الحقيقة تنطبق على أي مؤسسة وأي مجال في مصر – هذه الملاحظة تكمن في التراخي وقلة الخبرة والجاهزية على مستوى القواعد سواء .. فمثلا قليلا ما نسمع عن مجند عسكري استطاع بنفسه التصدي لعملية إرهابية أو ما شابه .. أو ضابط شرطة استطاع بمفرده مداهمة وامساك مجرم ما ..

دائما يجب أن نصنع جلبة ونرهق أكبر عدد من البشر من أجل إتمام مهمة بنجاح .. قائد الجيش الثاني الميداني يباشر بنفسه عملية تحرير الجنود المختطفين .. أراهن أن هذه الحادثة في دول أخرى كان ليشرف عليها عليها قائد الوحدة التي ينتمي إليها الجنود المختطفين !

نفس الامر يتكرر في كل المجالات ؛ الكفاءات الفردية قليلة في مصر ومتمركزة في أماكن محدودة تتحمل كل العبء كل الوقت وهذا لا سبب له إلا ضعف التعليم والتدريب والحافز الشخصي ..

عن سوريا ومصر وصديقي داروين

1

لم يكن يتخيل أحد أن الثورة السورية ستنتهي بالجلوس على طاولة المفاوضات مع بشار الأسد او أحد ممثليه والتفكير في طرح أسم خنزير سمين مثل وليد المعلم كرئيس وزراء لفترة انتقالية .. حتى أنا لم أتصور ذلك وتوقفت عن متابعة الثورة السورية وقل حماسي تجاه المقاتلين المعارضون لحكم بشار ..


2
طوال الفترة الأخيرة وبعد أن اتضح لي سيطرة المعارضة "الإسلامية" /"السنية" / "الجهادية" على مقتضيات الأمور وزمام المبادرة بدأت أشعر بنفس الحيرة التي واجهناها من فترة ليست ببعيدة عندما اضطررنا لاختيار بين مرسي مرشح الجماعة الفاشية وشفيق مرشح الحزب المنحل والفاشي أيضا ..
ربما هذه المرة لم يكن لدي الرغبة في الاختيار -النفسي والفكري حيث أن رأيي لا يمثل أي قيمة للواقع لكنها اشكالية فلسفية في رأسي كان يجب معي التعامل معها- هل أتخلى عن حلم ودعم الثورة السورية المطالبة بالديمقراطية والحرية وأدعم بشار الأسد أو أتغاضي عن سفكه للدماء بحجة الحفاظ على وحدة سوريا وليس مجرد مدنيتها ؟..  أم أدعم الثورة وقد أصبحت ثورة إسلامية سنية في مواجهة بشار بوصفه رئيس شيعي علوي وقد بايعت جبهة النصرة التنظيم الإسلامي المسلح في سوريا أيمن الظواهري على الإمارة !!!

3
لست قارئا متعمقا في الداروينية كفلسفة اجتماعية وسياسية يمكن استخدامها كمنهج للتطبيق سياسيا أو لتفسير الظواهر الاجتماية والسياسية لكني قادر على القول بأن تسليح الثورة السورية نقل الصراع بين المعارضة التي كان يرأسها أستاذ جامعي -أذكر أنه ماركسي- من خانة الصراع الأفلاطوني الأخلاقي والشرعي والإنساني في سبيل العدل والحق إلى صراع دارويني يتم فيه التسابق في التسليح وانتهاج العنف كآداة لإنهاء الصراع بالضربة القاضية تحت شعار "البقاء للأقوى" وليس "البقاء للمبادئ والخير.."..

4
باعتقادي أن المعارضين المسلحين عندما قرروا استخدام السلاح وخصوصا السلاح الطائفي الهجومي قد ارتضوا بهذه اللعبة الداروينية في عملية أشبه بالمقامرة العظمى بمستقبل سوريا وثورتها..
وباعتقادي أيضا أن صمت العالم الغربي طوال هذه المده كان نابعا من إيمانهم بهذا المبدأ "البقاء للأقوى" هكذا تعاملوا مع مبارك لولا اتصالات ومشاورات الأطراف المصرية مع الأمريكان مبكرا جدا أثناء الثورة وهكذا تعاملوا مع ثورة اليمن وهكذا تعاملوا مع زين العابدين بن علي في تونس ..
الأقوى هو الأقدر على البقاء وفرض النظام .. الغرب بهذا في حل من دعم أي حركة تنادي بالعدل والحق والحرية ..

5
في مصر وتونس وهما ثورتان سلميتان بنسبة كبيرة جدا كان الانتصار -ولو قصير المدى- من حظ الثوار فقد تم الإطاحة برؤوس النظام واحلال نظام جديد -ستتم الثورة ضده لاحقا لكن هذا ليس موضوعنا- .. قارن بين هذا وبين ليبيا وسوريا .. في ليبيا دعم الغرب اللثوار مبكرا اعتمادا على تفاهمات بشان مستقبل النفط الليبي وقدرته على تسديد فاتورة الإطاحة بالقذافي باستخدام الآلة العسكرية الغربية .. وفي سوريا حيث لا نفط هناك صمت عالمي وتقاعس عن تكرار السيناريو الليبي برغم تشابه الظروف السياسية ; في اعتقادي الأمر ليس له علاقة باسرائيل بالشكل الذي يطرحه البعض بأن نظام بشار داعم لإسرائيل من الباطن .. الأمر الذي يجلعنا نفكر بطريقة رياضية بحتة بأن احتمال نجاح ثورة مسلحة هو مثل فشلها 50%-50% 

6
يروى في أهوال يوم القيامة أن البشر سينادون ربهم يوم القيامة أن يصرفهم ولو إلى النار من شدة وهول هذا اليوم وحسابه العسير .. هذا العجز عن الإجابة هو الذي يدفعني لتبني الطرح الدارويني للتعامل مع الأزمة السورية .. سننتظر النتائج ونحاول تعديلها والتعامل معها ولن نتبرع بدعم احد ضد احد فالجميع سفاحون طائفيون محودي العقل والفهم ..

7
لأجل هذا أيضا حزننا على شاب مثل محمد محرز انساق وراء دعوات الجهاد في سوريا ضد بشار وذهب ليلقى حتفه برصاصة في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل .. محرز أثار موجة من المناقشات والجدل بعد مقتله اضطررنا فيها -كالعادة- لتقبل العنف اللفظي أو الحجر -بشكل ضمني- على رأي من استغرب ذهاب هذا المصري للقتال في حرب أهلية -نعم أصبحت كذلك- في دولة أخرى ; وقد كشفت محادثاته مع احد أصدقائه على الفيسبوك عن سطحية شديدة وذكورية وما يمكن أن نسميه ملمحا داروينيا في التعامل مع الأمور ومنطقتها .. 
8
ولأجل هذا كان لدينا كل الحق عندما نادينا بسلمية الثورة وبعدم الانسياق وراء هواة الاشتباك ومدمني الأدرينالين وعندما رفعنا صور غاندي وأقواله وتداولنا مصطلح اللاعنف كطريقة للتعبير عن مطالبنا وغضبنا ..
كان لدينا الحق عندما كنا سلميين وخسرنا كثيرا عندما تخلينا عن سلميتنا وعندما التففنا حول من انتهك السلمية في مواجهة السلطة وعندما عمقنا الخلاف بين الثورة والسلطة الجديدة -العسكر أقصد- وانجررنا لمعارك لم نخرج منها أي شئ إلا بأرقام من الشهداء وتسليم متسرع للسلطة لجماعة فاشية أخرى ..

عودوا إلى مصحاتكم

1

يقول لي في لهجة ثقة : وما ادراك ان مايفعله مرسي ليس في مصلحة البلاد ؟ إن مرسي يعرف اكثر مني ومنك بكثير وهو رجل تقي يخاف الله ويقوم الليل يبكي من شدة المسؤولية وانت تسخر منه ؟.. 

2

هل تعلم ان مرسي هرب من سجن الصخرة قبل شون كونري بعدة سنوات وان هروبه من سجن وادي النطرون كان مجرد حفلة اعتزال ضخمة انتقل بعدها لنشاط جديد تماما وهو نشاط "السجان" السجان السخيف الذي ليس لديه أي تساؤل تجاه ما يطلبه منه رؤساؤه وليس لديه أي نوع من الكرامة يستطيع إبداءه تجاه أي من رؤسائه أو الاحترام تجاه شعبه بل هو المهرج ثقيل الظل الذي يتسبب في تلف الحيوانات المنوية بداخل أنابيبها .. 
3
في اعتقادي ومما أصر عليه أن التاريخ يصنعه المرضى النفسيون .. انظر إلى خطب موسيليني وإلى تلاعبه بتعابير وجهه -مثلما أفعل أمام المرآه في الحمام كل صباح- لتعرف كم الميجالومانيا التي يعاني منها هذا الرجل .. نفس الشئ كان يفعله هتلر بإتقان وصدق اكثر -لاحظ أن المريض النفسي في الاساس هو من يصدق تماما هذه الهواجس التي تأتيه ويظهرها علينا على انها حقائق وإنه إن لم يصدق نفسه تماما لانتقل من خانة المرضى النفسيين إلى خانة النصابين مثل شلة الحزب الوطني الديمقراطي- أو مثل القذافي الذي ظل متشبثا بهرطقته حتى آخر لحظة في حياته ودفع شعب ليبيا من دمائه ثمن مرضه النفسي .. 
4
مرسي يصدِق نفسه في كل الهراء الذي يقوله وتقوله جماعته و"خيرته" لدرجة مرضية والجماعة ومرسي لديهم جيش من الاتباع والمعجبين والمبرراتيه يصدقون ما يقولونه بدرجة أكثر مرضا .. تصديق لا يقبل فكرة المناقشة أو المراجعة أو الخضوع للمنطق أو لأي أسلوب تحليلي أو نقدي للخطاب أو للأفكار -الأيديولوجيات- ويمكن على هذا الأساس ان تقنع هذا الجيش بترديد أي شئ مهما بلغت درجة بلاهته مثل أن يقولوا أن جبهة الانقاذ تحرق حقول القمح حتى يشوهوا صورة الرئيس مرسي او أن هشام قنديل رئيس حكومة كفء للغاية ومرشح للاحتراف في سويسرا كرئيس حكومة معار ..
5
لا أعلم كيف يسمح احدهم لأحدهم بابتزازه أيديولوجيا أو عقائديا للدرجة التي يبدو فيها الأول ساذج للغاية ومدعاة للشفقة أكثر من هذا الذي شوهد عاريا على كوبري اكتوبر .. هل حقا مرسي يرى اكثر من الشعب ومن معارضيه ؟ وهل حقا خيرت الشاطر يعرف كل شئ عن كل شئ كما يظن مرسي ؟ وهل فعلا هشام قنديل شخص ذو اهلية ؟ .. إنني أعتقد أن كل من يؤمن بهذه التفاهات هو شخص هارب من جلسات العلاج بالكهرباء ..
6

في اعتقادي وبعد تفكير طويل ان فعل الثورة يكتسب شرعيته من الصدق ومن دلالات الصدق المتضحة فيه .. فالثائر صادق في غضبه ورفضه للواقع وإصراره على مبادئه ومطالبه لدرجة انه مستعد أن يدفع الدماء أو روحه لاثبات ذلك والديكتاتور متمسك بسلطته وثروته لدرجة انه مستعد أن يقتل في سبيلهما من يقاومه .. واعتقد أن فعل الثورة هو يعطي دم الانسان قيمة مثلما تعطي الدماء للثورة قيمة الصدق .. وأن التقاء هذان العنصران هما اللذان يغيران التاريخ كل فترة في مصر .. 

7
إننا أمام حالة حرجة متكررة حدث عشرات المرات في مصر وفي العالم كله .. إما الثورة ضد الإخوان بكل ما تحمله الثورة من دماء وتضحيات وصدق .. والإخوان لا يستحقون أن نعاملهم بصدق أو بشئ من الصدق. وانا بصراحة شديدة مشفق على الشعب من هذا الخيار خاصة أنه غير مربح بأي صورة لذا أقترح إيداعهم -أو على الأقل قادتهم- جميعا إلى مصحات نفسية ليتمكنوا من استكمال جلسات العلاج بالكهرباء .

Followers

Featured Posts