موعد مع الرئيس - نسختي الشخصية

بالأمس حلمت بالرئيس عبد الفتاح السيسي. أنا في العموم شخص يحلم كثيرا أثناء نومه. أحلامي المخملية كثيرة جدا ولا تنقطع إلا قليلا.
لا أعلم من أين تبدأ الأحداث لكنني فوجئت بأحدا يدعو لمؤتمر أو ندوة للرئيس عبد الفتاح السيسي وذهبنا وكانت الندوة فيما يشبه مدرج جامعي متهالك والرجل له هيبة وييجلس على المنصة بجواره أحد الذين يظنون أنهم ملكوا الدنيا بجلوسهم إلى جوار الرئيس.
بالطبع تحدث الرئيس بكلام كثير. وبالطبع لا أذكر من كلامه شيئا على الإطلاق لكن الرجل تكلم والناس أنصتت وناقش البعض الرئيس بكل أدب في بعض كلامه أعتقد أنهم كانوا يقولون كلاما لا يختلف عما يقوله الغوغاء في التلفزيون عن الاصطفاف والتأييد أو المطالب الخدمية ..
بعد مرور بعض الوقت علمنا أن هناك شغبا ما بخارج القاعة وأنه يلزم لأسباب أمنية أن نستكمل جلستنا في مكان أخر. تم تدبير المكان الآخر وكان قاعة ندوات كبيرة في قسم شرطة متوسط الحجم والمساحة. كانت تحت سطح الأرض بطابق.
تأخرت باللحاق بالحضور عند انتقالهم للمكان الجديد. ولذلك دخلت وحدي متأخرا. قد أذكر أنه كان معي شخص ما من أصدقائي يرافقني.
دخلنا من فتحة شباك متهالكة ومنخفضة وقريبة من الأرض ومشينا في طرقات يغلب عليها دهان الحوائط باللون الأزرق الباهت ويتواجد بها بعض العساكر المرهقين. ولم يسألنا أحد أين نحن ذاهبون.
حتى إذا وصلنا إلى باب كبير مقارنة ببقية الأبواب في المبنى علمنا أننا أمام قاعة الندوة. وأمامنا رجل أمن من رتبة أكبر يسألنا إلى أين أنتم ذاهبون. وأخبرناه أننا ذاهبون للقاء الرئيس السيسي. وهم أن يسألنا بعض الأسئلة الأمنية ليستوثق منا فأشار له صاحبه أنهما ما كانا ليصلا هذا المكان إلا لو كانا حسنا النية ومهتمان فعلا بلقاء الرئيس.
المهم دخلنا ووجدنا الحضور مستمر في تبادل الكلام مع الرئيس. بنفس الأسلوب السابق ذكره. وما إن استقر بنا المقام حتى جاء الدور على أحدهم ليسأل الرئيس.
الإسم: أشرف عمار (هذا الإسم متوافق مع الجو النفسي للحلم).
المهنة: شاعر.(يبدو من كلامه وهيئته أنه شاعر عامية ركيك جدا)
المهم أن أشرف هذا ظل يقول كلاما غير مترابطا مجمله ومحتواه مهاجمة الرئيس وسياساته واتهامه بأنه لا يغير شئ مما أفسده السابقون.
أشرف هذا كان أسمر البشرة.
التف حوله بعض رجال الأمن في زي مدني وسادت حالة من الهرج والمرج المحدودين في القاعة لمدة قصيرة جدا من الزمن اختفى بعدها أشرف وعاد الهدوء للقاعة وعاد الحديث لطبيعته.
بعدها بقليل عاد أشرف إلى القاعة ويمسكه من كل من كتفيه رجلي أمن في زي مدني ووجه أشرف تحول إلى وجه رجل أمهق من شدة الشحوب ويبدو عليه الرعب وأن دمه مسحوب من وجهه كما اعتدنا وصف المرعوبين في حياتنا اليومية.
ثوان بسيطة وعاد لون وجه أشرف لطبيعته. اقترب به رجال الأمن من منصة الرئيس الذي طالت يده بشكل فانتازي وسفخت أشرف قلمين على وجهه وشتمه شتيمتين يخلوان من سب الأب والأم أو أعضائهما التناسلية على الأقل.

انتهت الندوة وجاء دور الرئيس ليتلقى الكلمات والرسائل الشخصية الشفوية من الناس على حدة. 
انتظرنا دورنا بين الحشود حتى نلتقي الرئيس وجها لوجه ورجلا لرجل ونوجه له رسائلنا ومطالبنا .وبالطبع الناس لا يكفون عن كلام التأييد والاصطفاف والدعاء للرئيس. حتى صديقي عضو حزب الوسط ابتسم ابتسامة حارة للرئيس وشد من أزره ودعا له  وربما كان يناديه بلقب "فخامة الرئيس" أثناء الحوار.
أما أنا فكنت مزكوما جدا. لا أستطيع أن ألتقط نفسي من شدة الزكام. أنفي مكتوما بشدة وكأنه اختفى من الأساس. لا أذكر إلا أنني طالبت الرئيس بكل أدب بالديمقراطية حقوق الإنسان والرجل استمع لكلامي كما استمع لكلام غيري.
الرجل أصبح متعودا على تلقي الكلام في هيئة رسائل شفوية يسقط محتواها الغاضب بمجرد أن تنظر في عينيه. فلا يبقى سوى دعاؤك له بالتوفيق وبعض كلام المجاملات.
وبالفعل هذا ما حدث معي في النهاية وما انتهى به الحلم.

هذا الشعب البائس

في الحقيقة الحكومات كلها لعينة وملعونة.  وأنا لا أجد أي تجربة سياسية في مصر تحترم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان بشكل كامل وبرئ.
لا بد أن أقول هذا حتى لا يبدو كلامي أنه تبرئة لساحة النظام الحالي أو أي نظام مر على مصر مما يحدث وحد من تخريب وتدمير لهذا البلد ولموارده المحدودة..
في تدوينة سابقة تكلمت عن الحال في مصر وكيف أن حكوماتنا فشلة وتحمي اللصوص وهكذا تعودنا عليها .
لكن وباختصار شديد الشعب المصري هو الآخر لا يتوانى عن إثبات أن حكامه قد خرجوا من صلبه وأنهم يمثلون الانحطاط الذي وصل إليه الشعل أخلاقيا واجتماعيا.
فهذا الشعب الذي لا يتردد في البناء على الأراضي الزراعية وتدمير ثروة مصر الزراعية هو نفسه الذي يحمل الحكومة مسؤولية تطوير الزراعة وتوفير المواد الغذائية.
الطرق الزراعية في مصر الآن مليئة على جوانبها بالبنايات المخالفة ولا تجد أحد يمكن أن يتعظ إذا حدثته عن خطورة هذا الفعل إذا استررنا في فعلا على مدار سنوات ..

منذ فترة قررت وزارة التموين تقرير حصة من الخبز البلدي المدعم لكل المواطنين وأعلنت عن برنامج تحفيزي لحث المواطن على ترشيد استهلاك الخبز. لكن الموطنين المصريين يقومون بما لا يخطر على بال بشر. يجمعون بطاقاتهم كلها ويسلمونها لمندوب منهم يصرف لهم حصتهم كاملة يوميا من الخبز. وهو ما يؤدي إلى تراكمه في بيوتهم. فيقومون بتجفيفه وتقديمه للطيور التي يربونها على أسطح منازلهم.

المواطن المصري يقدم خبز مصنوع من القمح للطيور والمواشي بديلا للعلف ومواطن مصري آخر لا يجد هذا الرغيف من الأساس.

في مدينتي القبيحة التي لا تحتمل قبحا فوق قبحها الشوارع مزدحمة والناس سفلة في أخلاقهم والهواء ملوث وكل شئ يدعو إلى الموت البطئ ويأتي أحدهم ببضاعة -أحذية رجالي- ويبدأ في رصها أمام الرصيف ويحتل مسافة مترين في نهر الطريق. ما هي الطريقة التي يفكر بها هذا الرجل ليصل إلى هذه الفكرة؟ ومن أين أتى بكل هذا الحماس واستجمع كل تلك الشجاعة للمخاطرة برأس ماله المحدود بوضعه في الشارع عرضة لرجال البلدية في أي لحظة.
في الحقيقة لن يسأل أحد هذا الرجل عما فعل وسيترك وسينضم إليه المزيد من الباعة على الأرصفة وسنقطع هذا الشارع القصير الحقير في ساعتين في المستقبل القريب.

هكذا دوما تبدأ الكثير من المشاكل في مصر. من جهل الشعب واستهتاره واستنزافه لموارد هذا البلد بدون أدنى وعي بأي شئ..
وبهذا كله ولأنني أدرك أنه لابد من لحظة سنحتاج فيها لاستذكار أفكارنا عن الإصلاح ربما قد لا نكون أحياء في حينها فإنني أدون هذا الكلام المكرر والممل عن إن إصلا هذا البلد لن يتم بدون تعليم هذا الشعب معنى الآدمية والمسؤولية وتلقينه دروس حقيقية عن الأخلاق وهذا لن يتم بدون إرادة سياسية حقيقية وارتقاء بمستوى الإعلام والتعليم على مستوى الوسائل وعلى مستوى الأهداف.
استطيع أن أقول أن كل حكام مصر لهم مصلحة في الابقاء على جهل هذا الشعب اعتقادا منهم بأن المواد الطبيعية لا تنفذ واعتمادا على ما تقدمه الحضارة الغربية من منتج ثقافي وعلمي ودعم مادي لنا كدول صديقة. لكن النار بدأت تأكل في الهشيم وأساساتنا تهدمت ونحن مثل الرماد في انتظار قطرات المطر.
لا أظن أننا بعيدون عن إعادة العصور الاستعمارية من جديد مادمنا بلا إرادة ولا وجود وعبئا على العالم وندمر مواردنا بأنفسنا وأيدينا. حينها أعتقد -وأظن أنني محايد- أن من لا يفكر في غزو هذه البلاد ليس سوى أحمق.

Followers

Featured Posts