المكسب والخسارة


فوجئت عند عودتي لمدينتي بعد إجازة سنوية أن السوبر ماركت المفضل والأقرب مكانيا لمسكني قام بإخلاء بعض الأقسام وإعادة توزيعها وتقليل حجم البضاعة المعروضة. بسؤال بسيط علمت من الأصدقاء أنه يتعرض لخسائر مالية ومتأخر عن الوفاء بالتزاماته المالية. كيف يمكن لمتجر من ثلاث طوابق مثل هذا به كل مايحتاجه المتسوق أن يمنى بهذه الخسارة وكنت أظن أنه أكبر من أن يفشل بحكم أنه يدر الكثير من الأرباح وأن أقدام الزبائن لا تنقطع منه على مدار 14 ساعة يوميا بلا توقف.

الأمر بسيط وهو ليس اختراع أو بدعة، الربح لا يضمن النجاح، أن يكون لديك متجر يصنع أرباح بمعدل 600% فهذا لا يعني أن متجرك سيستمر بالنجاح وإدارار الأموال للأبد، فالدول والحكومات تراقب آداءها الاقتصادي ومؤشراتها الاقتصادية وتوقن أن أفضل وسيلة للحماية من الانكماش الاقتصادي هو السعي وراء النمو الاقتصادي المضطرد وأن ثبات معدل النمو يعني أنه معرض للانخفاض وأن انخفاض معدل النمو يعني أنك في انتظار أن تعبر النقطة صفر لتبدأ رحلة الانكماش وأن تكون أرقامك قيمتها الرياضية سلبية.

لكن أيضا الدول المصنعة والتي لديها قوة سوقية وبشرية وعوامل الاقتصاد المتكامل هي أيضا تحظى بموجات انكماش لأسباب لا علاقة لها بطبيعة انشطتها الاقتصادية أو مدى ربحيتها. هذا الأمر ينطبق على الشركات أيضا.

القرارات المالية التي يصنعها أصحاب الياقات البيضاء في البنوك المركزية والفيدرالية تؤثر على قرارات ملايين البشر، والقرارات التي يتخذها أصحاب الأعمال والمديرين التنفيذيين أيضا تؤثر على حياة آلاف الأسر، وهذا ليس له أي علاقة بأن العامل الموجود في المصنع يقوم بواجبه على أتم وجه ويقتطع من وقت أسرته وراحته ويعطي عمله.

في الحروب، البطولات الفردية لا تصنع الانتصارات، لكن تصنعها الأخطاء الفردية من القوى المضادة، قرار أحمق من قائد أو زعيم، حريق في أحد مخازن الذخيرة يعطل الإمدادت عن معركة مفصلية يعجل بالهزيمة ويفتح الطريق أمام الغزاة لاحتلال العاصمة، الهزيمة جاءت في هيئة عود من الكبريت وضع في مكان غير ملائم. النصر يأتي عندما يكون لديك قائد يدرك اللحظة الفارقة أن هناك ثغرة يجب استغلالها لإنزال أشد الهزائم قسوة بالأعداء.

الحياة تحمل الكثير من المفاجآت والأقدار والمعجزات تحدث كل يوم، لكن السماء لن تمطر ذهبا في حجر من أفنى عمره في الكد والعرق، بل ستعطي من يعرف ماذا يريد ولديه الحد الأدنى من الوفاء لطموحه وعمله والتزامه. وليس هناك وصفة واحدة يمكن إعطاءها لكل إنسان فيصبح ما يريد، لأن أبسط الحقائق تقول أن الكثير لا يدرك ماذا يريد ولا يدرك أنه غير جدير بأن يكون محظوظا عندما تحدث المعجزة.

ماذا لو قام العمال في السوبرماركت باقتطاع نصف أجورهم لمدة شهر لأجل تخفيف الأعباء المالية عن ميزانة السوبرماركت بينما المالك مستمر في انفاق أرباح السوبر ماركت كلها على مشاريع أخرى ؟ بالطبع سيفشل وسيفشلون لأنهم ببساطة لم يشاركوا في صنع قرار قياداي يتناسب مع حجم عطاءهم للمكان.

المسألة واحدة، هناك الكثير من الأمور خارجة عن إرادتنا وواجبنا الشخصي كأفراد أن نحصن أنفسنا ضد غباء الآخرين واضطرابات صناعة القرار، التحصين هنا لا يعني فقط الادخار، بل يعني التدريب والمحافظة على تواصل مع آخرين من خارج دوائر ارتياحنا والمحافظة على تواصل ومعرفة بما هو يجري داخل أروقة صناعة القرار، ربما يكون قدرك أنك فأر في السفينة، فأر حقير لا يعبأ أحد لأمره، فعلى الأقل اهتم لأمر نفسك لأنه لن يفعل ذلك أحد لأجلك. أنت فأر ويجب أن تقفز من السفينة مع أول جرس إنذار، لا تنتظر لتزاحم الناس ويزاحموك في لحظات اليأس الأخيرة.

الحياة مليئة بالمفاجآت ومليئة بالتفاصيل والتعقيدات، وما يبدو لك مفاجأة وأدعوك إلى استغلالها ربما لايكون مفاجأة لو أنك استبصرت بكل التعقيدات والتفاصيل وأركت أنه لا مجال للمفاجآت في الحياة وإنما هي مفاجآت لأنك أنت من تفاجأ بها في وقت كان الأجدر بك أن تتوقعها. الحياة معقدة يا صديقي ولن تكف عن إبهارنا ومفاجأتنا بما لا نعلم في الماضي والحاضر والمستقبل وربما كانت كل خياراتنا في الحياة هي إما أن نقفز من السفينة بينما الناس ترقص في غفلة عن الحريق القائم في غرفة المحركات أو أن نقفز من السفينة متزاحمين مع آلاف البشر بدون أي استعداد أو استيعاب.

تشارلي - هناك قطة بالداخل



بأسلوب لا يتنافى مع هذه الكلمات وبلغة إنجليزية بسيطة تذكرني بتلعثمي في اختباراتي الشفهية في المجلس الثقافي البريطاني عبرت تشارلي عن أنها فقط تحب الحفلات وتجد اللحظات ذات القيمة هي التي تنفقها في الحفلات حيث يمكنها أن تقابل شخص تقع في غرامه أو تكتفي بالهروب من مشاكل الحياة.

لكن الأمر ليس هكذا على مايبدو ليس بهذه البساطة؛ عندما تطيل الاستماع إلى ما أنتجته تشارلي من موسيقى تعلم أن الأمر ليس تقليديا مثله مثل ما عند أي شخص آخر, هناك قطة تتعذب في الداخل وعندما تقترب منها سوف تستمع إليها وهي تهمس إليك في رجاء وحنان "it's charli.. it's charli ,baby". ربما تستطيع تشارلي القاء كومة من السباب في أغنية واحدة لكن هذا لا ينفي ضعفها وهشاشتها من الداخل عندما تقول "I touch myself and then I'm not alone".



**************






بينما كنت أؤدي واجب الخدمة العسكرية -كضابط احتياط له استثناءات أمنية في حمل هاتف ذكي أثناء الخدمة- في السنتين الماضيتين كان لدي يقين أنني أحتاج لشئ يسجل هذه اللحظات. أريد أن أتذكرها بقدر ما ألعنها طوال الوقت, حدثت هذه الصدفة السعيدة حيث قادني فضولي للبحث عن هذه المغنية التي غنت الأغنية الرئيسية لفيلم "The Fault In Our Stars" في البداية ظننت أنها تايلور سويفت حيث كانت أقرب صوتا لها في هذه الأغنية "Boom Clap" لكن مزيد من البحث والتدقيق قادني إلى هذه القطة البريطانية التي يمثل الكحول واضطرابات النوم جزء محوري في حياتها.. تدعى Charli XCX وإسمها الحقيقي شارلويت, أمها ذات أصول غجرية تتبدى في ملامحها القريبة من قلوبنا كشرق أوسطيين نعرف من أين تؤكل الكتف..

غنت تشارلي لأضواء المدينة كما لم يفعل أحد أمام أذناي وفي أحلك الأوقات ظلمة كانت كلماتها تضئ لي نورا في نهاية النفق. مع كل التعنت والحرمان من أبسط المتع المدنية أثناء خدمتي العسكرية كانت هناك تشارلي تعدني أن أضواء المدينة سوف تستطع لأجلي وربما لأجلي وحدي فقط وربما بعدها استطيع القول بكل أريحية "I can die tonight" ..

تذكرت كلماتها هذه بينما كانت الحافلة تعبر شارع بورسعيد بعد أن أنجزت جولة من الدوران حول مركز الأرض الموجود في مكان ما بين أحياء الجمالية وباب الشعرية والعتبة بعد أن مضى خمسة أشهرعلى رجوعي لصفوف المدنيين الكادحين وإصراري على الاكتفاء براتب الحكومة في مواجهة متطلبات التواجد محاطا بأضواء المدينة.

ربما لم يكن هذا ما توقعته لكن الأكيد أيضا أن هذا لم يكن ماتعنيه تشارلي أيضا. 

شاهدت حركة تداول كثيفة للبضائع الجيدة التي نتندر بوجودها في الأقاليم تخرج من قلب هذه الأحياء الفقيرة ويحملها عمال معدمون يعدهم أحدهم -أو لا يعدهم- بغد مشرق سوف يأتي بعد إتمام بناء الكابيتول؛ تذكرتها وأنا أرى الدورة المؤلمة للأضواء وماذا تحمله البضائع الفاخرة من عرق عمال لا يستطيعون اقتنائها لكن تعاستهم لن تمنعنا من التباهي بها عندما تحملنا أقدارنا إلى القدرة على شرائها..



لكن تشارلي لا تعتني بهذا الهراء اليساري تشارلي تشعر بالضجر وتريد أن تتسكع في أنحاء المدينة وأن تغمرها أضواء المدينة وأن تنفق الأموال في شراء أغراضها التافهة التي ستتباهى بها في حفلتها القادمة وربما تُسرق منها إذا ما استغرقت في شرب الكحول.


************





تعاني تشارلي من إضطراب عصبي نادر يجعلها ترى ألوانا عندما تستمع إلى الموسيقى؛ فقد ترى الموسيقى الحزينة بلون أزرق داكن مثلا والموسيقى التقليدية بلون أخضر مثل روث الحيوانات الطازج.. تشارلي تحب الموسيقى التي تجعلها ترى اللون الأسود أو القرمزي أو الأحمر ؛ لذلك تشارلي قادرة أكثر من أي شخص آخر على معرفة الموسيقى التي تعبر لأقصى درجة عما بداخلها  وتعلم جيدا ماذا تريد من المستمع أن يشعر عندما تصطدم موسيقاها بأذنه.



ربما لم تغن تشارلي للمخاوف الوجودية للإنسان وربما لم تثر مدامعي مثلما استطاع كندريك لامار في أغنيته الأخيرة "pray for me" لكنها فعلت بذوقها الموسيقي النادر وقدرتها الحاسمة على إيصال الرسالة التي تريدها وخلق الذكرى التي يجب أن تتذكرها وسحق جميع اهتماماتك أمام موسيقاها الصاخبة مالم يفعله كثيرون وما يجعلني أن نجاح الجميع كان صدفة ونجاحها -أو على الأقل وقوعي في غرام موسيقاها- كان حتمي.

خواطر عن التجديد (ربما تكون الحلقة الأولى أو الأولى والأخيرة)

الإسلام ليس دين كهنوت لكنك لا تستطيع أن تتعرض لشخص أحد من مشايخ الشاشات والإذاعات بأي انتقاد أو لو على أي شئ قاله أو فعله. الشيخ محمد متولي الشعراوي مثلا فعل كل شئ ولا أحمد يستطيع أن يتعرض له حتى عندما تصدى له صحفي مثل إبراهيم عيسى تم مهاجمة ابراهيم عيسى من كل أطياف المسلمين تقريبا لأنه تجرأ على شخص مولانا ..
الشيخ الشعراوي قرأ خواطره حول آيات القرآن فأصبحت خواطره تفسيرا يلتزم به البسطاء وطقسا دينيا في انتظار أذان المغرب في رمضان وأصبحت صوره تجسد الإسلام الوسطي والأدعية المسجلة بصوته تضمن له حصانة من الانتقاد فهو يظهر بدورين معا , الداعية والواعظ والمعلق الصوتي.

الرجل له قدسية تجعلك تتلقى اللوم والانتقاد لو نشرت له مادة مرئية بالصوت والصورة يعلن فيها آراء رجعية جدا يحرم فيها نقل الأعضاء أو إجراءات الرعاية الطبية الفائقة بحجج خائبة ودون الرجوع لمصدر معقول من القرآن أو الحديث النبوي. أ, وهو يحرم تهنئة المسيحيين وغير المسلمين بأعيادهم أو غيره من الآراء الشاذه التي ترسخت في عقول المسلمين. أصبح كلام الرجل ذكرا وأصبح رأيه فقها ووجهه رمزا للإسلام وانتقاده خطءا ..

هذا ما فعله الشعراوي بالإسلام. البعض يقول أنه ليس ذنبه, لكن -وهنا يبرز انتقاد ابراهيم عيسى له- الرجل كان يرى ويعلم ويسعد.
حتى إن محاولاته للتبرؤ من هذا الاتهام جلبت له المزيد من القدسية ولا أعلم أنا شخصيا من ألوم هنا. فقد تواطأت الأمة كلها على وضع رجل في موضع يخالف تعاليم الكتاب والسنة.

التلفزيون الذي لا يبث سوى قناتين فقط ولا يشاهد المصريون غيره والراديو الذي يخترق كل البيوت التي لم تمتلك التليفزيون بعد والصحف العادية وإصدارات الأزهر كلها تضع الرجل في إطار لا يجب أن يوضع فيه مسلم. كل هذا ونحن نتكلم عن الوسطية وإسلام عموم المسلمين المسالمين الذين يتغنون ببساطة الدين وخلوه من الكهنوتية والرهبنة ودعوته للسلم والصلح.

في الجهة المقابلة أعلن السلفيون المتطرفون في كل شئ بما في ذلك أن الإسلام ليس به كهنوت أن لحوم العلماء مسمومة ولا يجوز التعرض لهم بأي حال خصوصا لو كان هذا المدعو بالعالم من مشايخ التيار السلفي الوهابي وانتشرت العدوى بين المتطرفين والمعتدلين. شخصنة الدين في أشخاص ومؤسسات. ومد خط القدسية إلى آراءهم التي قالوها بدون استناد إلى القرآن ولا السنة -رغم أن السلفيين يكرهون القياس بشكل عام- فصار عليك اتباع آراءهم والتغاضي عن أي قول آخر حتى لو كان قائله هو أبو حنيفة النعمان.

قل لي إذا كيف سنصلح الخطاب الديني وقد أصبح كل شئ مقدس من أول مولانا بمرورا بكلام مولانا انتهاءا بخراء مولانا ؟
الأمر هنا ليس بيد أي مؤسسة سوى المؤسسة السياسية المنتخبة وهي الوحيدة التي تستطيع أن تخوض غمار هذه المعركة قطعة بقطعة مستندة إلى ماتملكه من صلاحيات لإنفاذ أي قرار يحد من تغول رجال الدين على رؤوس البشر ولفرض المساواة والحرية بين أتباع جميع الأديان والمذاهب وتعويد الناس على هذا الشئ المدعو بالتعايش.

ورغم أنني جئت هذه المساحة للحديث عن ضرورة التحرر من قبضة رجل الدين إذا أردنا إصلاح الدين إلا أنه لا يمكن التغاضي عن حقيقة أنه لا تنوير بدون حريات وبدون ضمان حق الناس في الخطأ والانتقاد والسخرية من كل الرموز ومن ضعفنا الإنساني.
يجب أن تحمي الدولة من ينتقدها وينتقد قادتها لأن هذا هو السبيل الوحيد لضمان ولاء الناس لهذه الأرض وهذه الدولة وهذا الشعب.

أفكاري - الحلقة الأولى



لدي دوما هذه الرغبة في الكتابة الشعور بتحقيق شئ ما كي أنفي عن نفسي تهمة الخوف من الحياة والهروب من برد الشتاء. ولإثبات أنني لم أقصي الثلاث شهور الأشد برودة مستلق على ظهري في الفراش مختبئأ تحت الأغطية.

بالعصر كانت لدي فكرة عظيمة فكرت في تدوينها وعندما عدت إلى اللابتوب لم أجد هذه الفكرة. لكن صدقوني, لقد كانت فكرة عظيمة وستشرح قلوب الكثير من البشر.
اليوم أيضا فكرت في أننا لدينا تصور خاطئ عن الحكمة والمثل وأنها مقولات نتجت من خبرة ما, ربما كان الأمر كذلك في الحضارات القديمة حيث لكل مثل قصة وحكاية. هذه الأيام الحكمة متناثرة في كلامنا وتنتظر من يقتطعها من سياقها ويكتبها بخط سميك ويضفي عليها نوعا من الشاعرية والعمق فيبدو للسامع أن شخصا ما خانه صاحبه فجعل منه دخانا وأن شخصا آخر ضرب الودع فمالقيش صاحب جدع..


عودا إلى فكرتي المفقودة.. أتذكرها الآن, هي عن الزخم وكيف أنه يعمي عيوننا عن الكثير من الأسئلة. وكيف أن تضخيم الإحساس بلحظة ما يعمينا عن الكثير من اللحظات التي كانت أقل رومانسية وأكثر خطورة. وكيف أن الشعور الكاذب بأننا أصبحنا نعرف كل شئ عن شئ ما أصبح يضللنا وأنه أصبح بالإمكان لو أننا التقطنا أنفاسنا وشعرنا بقليل من اللامبالاه تجاه رومانسية هذه اللحظة يمكن ألا نتوقف عن التساؤل وقد تقودنا اللامبالاه إلى عدم التساؤل على الإطلاق وربما كان هذا أفضل غير أن المشاكل هي التي تأتي إلينا.

أتذكر هذا ونحن نمر اليوم بذكرى هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وما استتبعه من ثورات أخرى كان أولها في مصر وامتدت لتطال العالم العربي. وكيف أن لحظات تم تصويرها بكاميرات الفيديو كانت دسمة على عقولنا ولم نهضمها سريعا فلم نتفرغ للتساؤلات المشروعة إلا بعد فوات الأوان.

لكن فكرة أخرى تنتابني وتربكني وهي أن فعل الإندهاش هو فعل سياسي وأن الشعوب فقدت عذريتها "كطرف موجب في علاقة ما" في هذه الأيام. وأنه رغم إيماني أننا لا نعلم إلا ما يراد لنا أن نعلمه أن مانعلمه علمناه بطريق الصدفة وأن علمنا أو عدم علمنا أصبح لا يشكل فارقا في الأيام الأخيرة. إلا أنني متيقن أن لا أحد يريد مفاجئتنا. الأنظمة تعلم ذلك جيدا هذه المرة. خصوصا تلك التي لاتملك الجرأة لتقتل شعبها مثل هذا الموجود في سوريا.
هذا الحاجز النفسي والرغبة في عدم الاعتياد على شئ ما هو حاجز وهمي في الحقيقة. سوف تندهش الشعوب من جرأة الأنظمة إذا حاولت المساس بمكتسباتها وسوف تندهش الأنظمة من رد فعل الشعوب ثم سنعتاد جميعا على حمامات الدم , وإذا لن نندهش سوف نعتاد الدماء والأذى لذلك يجب علينا ألا نكف عن الإندهاش والزخم المصاحب للإندهاش وهذه الاسئلة التافهة وهذا التفرغ لوصف هذا الشعور وهذه اللحظة من جميع جوانبها.


لكن الكثير من المدارس الصحفية تقوم بهذه الوظيفة بشكل مخطط ومدروس وخلق حالة من الزخم/الإندهاش المفتعل لتعطيلنا عن التساؤل المشروع عما حدث وعما سيحدث وعما يحدث. فنحن كما قلت  لا نعلم شيئا وليس لنا أن نعلم وإذا علمنا نعمل عن طريق الصدفة وربما لا يشكل فارقا علمنا من عدم علمنا .. بل إن من يشوشون علينا هم الآخرون لا يعلمون ومن يخرجون علينا ليقولون أنهم يعلمون لا يعلمون..

كل شئ يقودنا للتشتت زهوة الانتصار ومرارة لهزيمة ومشاعرنا البريئة في لحظة ما ربما كانت سبب في تحريك المياة رغم أننا ما برحنا مقاعدنا لكن هذه النفس البشرية التي لازالت تشعر بالخجل ولديها هذا الحاجز النفسي هي التي فعلت الصواب وهي التي امتنعت عن فعل الخطأ حين كان متاحا لها أن تفعله دون مساءلة.

 أعتقد بالنهاية أنني كتبت هذه التدوينة لأجل هؤلاء الذين يفعلون الصواب ويمتنعون عن الخطأ لا لشئ سوى الخجل, هؤلاء الذين يحفظون الأسرار ويسيرون بيننا ولا نعرفهم, هؤلاء الذين يتلقون الاتصالات ويرسلون الرسائل ويوصلون الحلقات ويصورون أن الصواب هو السبيل الوحيد للنجاة أمام هؤلاء الذين يستطيعون أن يفعلوا الخطأ ولا يجدون من يرشدهم في أرض الضلال, هؤلاء الذين يجعلون لإندهاشنا قيمة أمام من لا يشعرون. 


عن أكتوبر

 في احد الوثائقيات التي شاهدتها عن الحرب العالمية الثانية من فترة ذكر المعلق أن الجنود الألمان الذين توجهوا لغزو روسيا في السنة الثانية من الحرب قد مات جزء كبير منهم في أوروبا الغربية في الشتاء القارص. ولم يكن السبب هو الطاعون مثلا أو أنهم تلقوا هزيمة ساحقة من السوفييت. بل بسبب إصابتهم بتلوث في الدم بسبب اصابتهم بتقرحات جلدية ملوثة في مؤخراتهم بسبب عدم قدرتهم على غسل مؤخراتهم في الشتاء القارص بعد التغوط.
هذا سبب كان كافيا جدا لسقوط جيش من كان مكلف بغزو روسيا قبل أن يطلق رصاصة واحدة. وبغض النظر عن أنني أمقت الألمان بسبب هذه الحرب إلا أننا كبشر متساوون في مشاعر الخوف وحبنا للحياة وهربنا من كل ما قد يعرضنا للأذى وأنا متأكد أن التجيد الإجباري كان وقود الحرب العالمية الثانية في كل الدول المتصارعة.

الحديث عن الحروب لا يعني فقط تلك اللحظات التي يُقتل فيها المحارب أو يقتُل ;  الحديث عن الحرب هو حديث عن سنوات مهدرة وأحلام ضائعة وشباب يتم استخدامهم كماكينات قتل ويتم برمجتها على هذا الأساس إحاطة هذا كله بمزيج من الشعارات عن الوطنية والرجولة والنظامية.. إنه حديث عن رائحة عرق بشعة وملابس تدريب غاية في القذارة وضغط نفسي سئ وبعد عن الأهل والصديق والحبيبة..
يحكي لي أبي عن أنه قضى خمس سنوات ونصف في القوات المسلحة المصرية منذ العام 1969 حتى منتصف 1974 وقد كان حاله المالية معقولة حيث مرتبه من وظيفته الحكومية يصله كل أول شهر ويتلقى راتب بسيط من القوات المسلحة كمجند. وكان الجنود الغير موظفون في الدولة يتلقون راتب من القوات المسلحة أكبر من هؤلاء الموظين. كانت أوامر الرئيس السادات أن يتم تقليل العبء المادي على جميع المجندين.
لكن النقود ليست كل شئ. أذكر أول يوم لي في كلية ضباط الاحتياط وكيف أنني انتظرت ساعة ونصف في طابور أمام كابينة تليفون أرضي يتيمة لأاحظى بمكالمة مدتها دقيقتين مع أبي وأمي أنهارت فيها دموعي بشكل مؤلم كلما تذكرته. أذكر أنني بالكاد استطعت حضور حفل زواج أخي ولم أكن لأستطيع حضوره لولا مكالمة من ضابط برتبة كبيرة لأحد المسؤولين بالكلية تمت بمعجزة ما ..
لا أتكلم عن ضحايا العمليات المصابين بعاهات ولا تغنيهم التعويضات المادية مهما كبرت عن إحساسهم بالعجز والضعف.
لا أحد يتخيل كواليس الحروب التي يعيشها الجنود والضباط معا. فالحرب في اعتقادي هي ما يظهر على خشبة المسرح لكن خلف خشبة المسرح وتحتها تجري أشياء كثيرة مؤلمة ولا أحد يرغب في تجربتها والحديث عن البطولة في الحرب هو من الأشياء التي لا يستوعبها عقلي وأنا أدرك تماما كيف تتم عملية التجييش وكيف يتم تحميس الجنود وكيف تم تحميس وتشجيع الجنود النازيين كي يسيطروا على العالم وهم لا يدركون أنهم مجرد أدوات وأرقام على الورق.
كيف لا وأنا قد عاهدت نفسي على ألا أعاهد نفسي على شئ وقد تيقنت أن اللايقين هو اليقين بحد ذاته فكيف أعرض سلامتي لخطر وأنا قد أندم على فعلي لهذا في اليوم التالي.

لكن الحقيقة أن من حارب في أكتوبر كان لديه يقين بأن مايقوم به هو الصواب وأنا كذلك حسمت أمري أن ماتم كان الصواب. لكن الشجاعة لأن تشارك في فعل الصواب وتعطي من عمرك خمس سنوات أو أكثر شئ صعب للغاية. 
أكتب هذا بالأساس لأذكر بأن الأحياء ليسوا أقل قدرا من الأموات وأن النقود لا تغني عن شئ لاتشتريه بالنقود. النقود تستطيع أن تحضر لك الآيسكريم في قلب الصحراء لكنها لن تعيد لك محبوبتك التي انتظرتك خمس سنوات ثم نركتك بعد أن ملت منك ومن الحرب. لن تستطيع النقود أن تعطيك راحة البال على أهلك ولا راحة بال أهلك عليك.

أكتب هذا لأقول أن الحرب ثقيلة ومنهكة ومؤلمة وقذرة وأن لا أحد يتحملها ولا أحد يريدها وأنها ليست نزهة وأن لا أحد آمن على نفسه من ويلات الحرب مهما بلغت قوته.

عن التنظير والعمل الميداني

تجاربي ومشاهداتي في الفترة الأخيرة دفعتني للتفكير في شأن البشر داخل التنظيمات والمؤسسات .. لاحظت -وربما أنا آخر من يعلم- أن العمل المؤسسي يمكن تقسيمه على نوعين من البشر المنظرين والمنفذين ..
هؤلاء الذين يجلسون على مكاتب ويقابلون شخصا أو شخصين في اليوم وهؤلاء الذين يجلسون على مكاتب ويقابلون عشرات الأشخاص في يوم واحد وهؤلاء الذين لا يجلسون على مكاتب ويمضون ساعات عملهم وسط الناس في الميدان ..
العلاقة واضحة أنه كلما ارتقيت في سلم الوظائف التنظيرية/الإدارية وأصبحت مقابلاتك محدودة مع البشر وأصبح لك جيش من السكرتارية وربما مسؤول يتلقى عنك سباب الناس كلما أصبحت سميك الجلد وربما اصبحت عكس ذلك ذو ذهن صاف وقادر على التبصر في الأمور والخروق بأفكار واستراتيجيات أفضل.. لكن في الأغلب والمشترك بين الاثنان أنك ستكون شخص أكثر هدوءا على الأرجح وأكثر إبداعية وإحساسا بقواعد البروتوكول والإيتيكيت ..
في المقابل لنفترض أنك مهندس مواقع إنشاء وتعمل تحت الشمس الحارقة يوميا فإنني أتوقع أن تكون شخص عصبي إنفعالي لا تبالي بالأمور البسيطة في نظرك وربما تكون معتاد على التجاوزات الكلامية واللفظية .. 
هذه القسوة والغباوة التي لم أكن معتادا عليها كشخص طيب القلب يفضل أن يتحمل المشقة على أن يوجه أحدهم لأمر بصيغة الأمر /التخويف/ استغلال السلطة المخولة له -في الغالب سلطة غير رسمية- في تمرير أوامره التي هي في الغالب تكون لصالح العمل والمؤسسة والصواب ..
ربما هذا هو الثمن الذي ندفعه لقاء رفاهيتنا أو ما نراه راحتنا أو ما قد يحسدنا عليه الآخرون من راحة قد لا نراها نحن.
لكني في النهاية كشخص يعمل -ينتمي ويحب أن ينتمي إن لم يكن كذلك- لهؤلاء المنظرين عديمي النفع أحتفظ بحقي في كراهية من يدعون علينا فضلا .. ربما موهبتهم تتجلى تحت أشعة الشمس الحارقة وربما لو جلسوا على مكاتبنا لخربوها مثلما تخرب الفتيات السيارات الفارهة ..

يقول النبي محمد -ص- :"فضل العالم على العابد كفضل الشمس على القمر وسائر الكواكب" أعتقد أن هذا الحديث الشريف يمثل ما أتمسك به من قيمة في مواجهة أطباء الجراحة والمهندسين والحرفيين وقادة المظاهرات الذين لايفقهون شيئا في هذه الحياة وأعذاء مجلس الشعب الذين أصبحوا مثل لاعبي كرة القدم المحترفين ولا يفقهون شيئا مثلهم مثل ربات البييوت الاتي انتخبنهم وتضمهم الأحزاب لعضويتها لمجرد ضمان نسبة تثيلية أكبر تستطيع من خلالها تنفيذ أجنداتها التي كتبت في غرف مكيفة بواسطة منظريهم ..

إلا إنني  أقول أنه ليس من حق أحد إدعاء فضل على الآخر فنحن نعمل ما نجيده وكل ميسر لما خلق له ونحتاج الغبي قبل الذكي والمندفع قبل المتروي وذا اليد المتسخة قبل ذي اليد الناعمة ..

My yearly report


This is a boring episode of my life in which I get exposed to the tightest and roughest conditions ever..  somehow I survived all the shit -this is till now- and survived with no effort of my side.. Something like your innate immunity that makes a percent of patients survive without medications ..
Now I'm enjoying my first long holiday and hoping for any thing that prevent me from going there again..
What a tough psychological burden i have to deal with every day with all those people complaining and crying for you to take care of them while you have nothing to do..
However I can't stop  thinking about the future and how it can be something good and beautiful..
Oh my God i wish I can blink my eyes and find myself free with minimal requirements to start up a new life and personal success away from those motherfuckers..
fuck wars ,fuck instability ,fuck poverty and fuck all those who recklessly take control over our lives and futures..
Anyway .. I'm here to talk and dream about future I wish for myself since I realized that nobody is more important to me than me and my family. Fuck anybody else.
It may be one day when you make up the money or joy you missed over your passed year, hope it's near day cause this hope may keep you alive when everybody around you is cumming on your present
.
Think with me you may be financially distressed these days but you may end up with a good position with six figures a year salary, cheer up buddy this is not far.
I don't stop thinking about all the good things that happened to me in 2015 .. for example in jan 25 this year I received my first L word ever from a lady who is not my mother..
This year I made up my best friend ever and i hope this friendship lasts forever..
God, I love people who I love and I wish if there is better conditions to tighten our relationships together like free people do.
One day I'll be old and white haired like my father and may wish for the old days to come back like what I did few weeks ago when I prayed for the shitty days I used to to come back over the new shit I hadn't use to yet. I may be confused about what is right and what is wrong but there is something I'm pretty sure about, time doesn't run backward and you will not stop regretting things you did and things you didn't do.
So, for everything I wish and everything I hate I should always be calm and prepare to the time it's over. It's coming soon or later, I wish it comes in peace and now body gets hurt.
Also I should remember that whatever I go through and feel bad for is a segment of my life time and I don't have a lot of control over it. and I should prepare to the time I be my own boss.
So, .. 2015, with all hopeful songs I heard in you, with all motivations ,all ideas ,all dreams ,all love, all hate ,all gross, all loss of control and all suppression, you are just a year and not a year that makes my life good or bad, it's what I did and what i didn't do. Leave us with all peace could be.

PS:If one of the previous lines doesn't fit your case this may me talking to myself.

Followers

Featured Posts