مشروع القرش في القرن الواحد والعشرين..


ما أصعب أن تقنع أحدهم أنه يتم استغلاله والعبث بعواطفه بل والنهب من ماله القليل عندما  يطلق الشيخ حسان مبادرة لدعم الجيش المصري ماديا والتخلي عن المعونة الأمريكية الملعونة وتتعالى صيحات القومية والاستقلالية الزائفة وكلنا يعلم أن الأمر برمته حشد عاطفي تحت ستار مادي لأن ببساطة الجيش المصري أقرض الخزانة المصرية مليار دولار قبل هذه المبادرة بأسابيع ولأن مصر في حالة سلم ولا تحتاج لجمع النقود لأجل الجيش ولأنه كان من الأولى جمع الأموال المهربة والمنهوبة في بنوك الخارج والداخل ووضع حد أدنى لمرتبات الموظفين الكبار في الدولة وفرض ضريبة تصاعدية.. 

لا أريد أن أتكلم في الاقتصاد بقدر ما أرغب في أن اتذكر مع القارئ هذه الأوراق المنسية من سجل الوطن..

في الحقيقة لم أحتج لمراجع وكتب وبحث مضني على الانترنت.. يكفيني مقالة صغيرة وجدتها على موقع المصري اليوم دون تحديد لكاتب سطورها سوف اقصقصها مع القارئ.. المقالة بتاريخ ٢٧/ ٢/ ٢٠٠٩ أي قبل الثورة وواضح أنها لم تكتب بقصد الاسقاط السياسي على حدث معاصر لحينها فهي إذا ذات مصداقية كبيرة جدا..

المقال:
حين يكون محور حديثنا عن الاكتتاب فى سبيل نهضة مصر يقفز للأذهان مشروع الكاتب والمؤرخ والمناضل السياسى أحمد حسين، أحد الأقطاب المؤسسين لحزب «مصر الفتاة»، ومشروعه الأشهر «مشروع القرش».. لنبدأ القصة من أولها، أو تحديداً من عند أحمد حسين المولود فى الثامن من مارس بحى السيدة زينب، بالقاهرة،

وتلقى تعليمه بين مدارس «الجمعية الخيرية الإسلامية»، ومدرسة محمد على الأميرية وتمتع بنزوع دينى منذ صغره، حتى إنه أثناء سنوات دراسته الأولى أسس مع رفيق دراسته وزميل عمره فتحى رضوان جمعية مدرسية باسم «جمعية نصر الدين الإسلامى»، التى أوقف ناظر المدرسة نشاطها بعد حين.

وانتقل أحمد حسين إلى التعليم الثانوى بالمدرسة الخديوية واهتم بالتمثيل وأدى أدواراً على مسرح المدرسة وتميز فى فن الخطابة، ونما حسه الوطنى وأنهى الدراسة الثانوية فى ١٩٢٨م والتحق بالحقوق، وتنامت لديه الاهتمامات السياسية، وانخرط فى أنشطتها.

وفى عام ١٩٣١م بدأ مشروعه الشهير مع رفيق حياته فتحى رضوان وكان الاقتصاد المصرى آنذاك يعانى عثرة وأزمة حقيقية فكان الهدف الأساسى من المشروع هو العمل على دعم الاقتصاد المصرى عبر مبادرة أهلية جماعية يشارك فيها كل أفراد الشعب مشاركة محدودة جداً تساوى قرشاً.

أما سبب أزمة الاقتصاد المصرى فهو تراجع سعر القطن المصرى بعدما كان الطلب عليه شديداً من دول الغرب ومنها أمريكا وبريطانيا.

وكان الشعار الذى رفعه أحمد حسين والمبرر أيضاً هو «نشر روح الصناعة الوطنية فى كل مكان».

وكان هذا الشعار يمثل بدايات القناعات الاشتراكية لدى الرجل، والتى تحمل ضمن مبادئها قيام صناعات وطنية وقومية بإسهام الشعب ذاته على أن تكون ملكاً لهذا الشعب أيضاً.

ويقول حسين: «لما كانت الصناعة تحتاج إلى رؤوس أموال ولم أشأ أن أجمع رؤوس الأموال من بضعة أفراد، بل رأيت مما يحقق غايتها بكمالها أن يساهم الشعب مجتمعاً فى إنشاء الصناعات القومية ليظل حريصاً على تشجيعها فيما بعد».

أما الخلفية الوطنية أو المبرر الوطنى الآخر لهذا المشروع، فيرجع إلى أن مصر كانت تستورد الطرابيش حتى أنشأ محمد على باشا مصنعاً للطرابيش، ولكن بعد تحالف دول الغرب ضد مشروعه عام ١٨٤٠م توقفت الكثير من المصانع التى أنشأها، ومن بينها ذلك المصنع الذى كان أنشأه فى مدينة فوة بمحافظة كفرالشيخ الآن، وعادت مصر إلى الاستيراد مرة أخرى وفى هذا الجو اشتعلت، «معركة الطربوش»، الذى يعبر عن الهوية المصرية فى مقابل النزوع للتخلص من الطربوش والتشبه بالغرب وارتداء القبعة.

يذكر أن المفكر سلامة موسى كان من أنصار التخلى عن الطربوش للتخلص من الحكم التركى، وكان أنصار الطربوش يلعنون القبعة ويعتبرونها تخلياً عن الهوية واتسع نطاق المعركة، وأصبح الشارع المصرى طرفاً فيها.

وهنا ظهر «مشروع القرش» لأحمد حسين الذى كان لايزال طالباً فى مدرسة الحقوق «الكلية حالياً»، ورأى أنه من العار على المصريين أن يستوردوا زيهم الوطنى من الخارج.

وكان إسماعيل صدقى آنذاك هو رئيس الوزراء فاستثمر الجدل الدائر لصالح كسب ثقة الشارع المصرى وتوظيف الفكرة فى إطار صراعه السياسى مع الوفد فى شخص «مصطفى باشا النحاس»، الذى رأى فى المشروع أنه ضد الوطنية وأن فكرته ستنحرف بالشباب عن قضايا مصر الحقيقية الكبرى، أى الاستقلال التام، وكذلك كان رأى طه حسين أن المشروع يعكس هروب الشباب من ثورة الفكر
.
وأنا شخصياً لم أفهم هذا المعنى هل يقصد التحرر الفكرى من عقال التقاليد أم ماذا؟


ولكن لم تحل هذه المعارك دون مضى المشروع قدماً ومشاركة آلاف المتطوعين فيه، بل حظى بدعم الكثير من الأحزاب باستثناء «الوفد»، وحظى بدعم الحكومة، ودعم أحمد شوقى بأشعاره حيث قال: «اجمع القرش إلى القرش يكن.. لك من جمعهما مال لُبَدْ».

وكان الطلبة فى الجامعات يحملون عدداً من دفاتر المشروع ويذهبون إلى مدنهم وقراهم يجمعون التبرعات، وطغت الروح الوطنية على المشروع، الذى كانت حصيلته فى العام الأول ١٧ ألف جنيه وفى التالى ١٣ ألف جنيه وكان شعار اللجنة التنفيذية هو «تعاون وتضامن فى سبيل الاستقلال الاقتصادى».


وأسفر هذا المشروع فى نهاية الأمر عن إنشاء مصنع للطرابيش بالفعل فى العباسية «شارع مصنع الطرابيش»، بالتعاقد مع شركة ألمانية اسمها «هاريتمان»، وتم افتتاحه فى ١٥ فبراير ١٩٣٣م.

وفى نهاية العام بدأ الطربوش المصرى يغزو الأسواق المحلية وعلى الفور قام بعض الوفديين بمظاهرات تندد بالمشروع وهتفوا بسقوط أحمد حسين «يسقط حرامى القرش»، واتهموه بالاختلاس وكانت حملة تشهير قاسية ضده فاستقال من سكرتارية جمعية «القرش».

إلى هنا انتهى المقال الذي لاأعلم من كتبه وأترك لكم التعليق..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Followers

Featured Posts