هذا الشعب البائس

في الحقيقة الحكومات كلها لعينة وملعونة.  وأنا لا أجد أي تجربة سياسية في مصر تحترم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان بشكل كامل وبرئ.
لا بد أن أقول هذا حتى لا يبدو كلامي أنه تبرئة لساحة النظام الحالي أو أي نظام مر على مصر مما يحدث وحد من تخريب وتدمير لهذا البلد ولموارده المحدودة..
في تدوينة سابقة تكلمت عن الحال في مصر وكيف أن حكوماتنا فشلة وتحمي اللصوص وهكذا تعودنا عليها .
لكن وباختصار شديد الشعب المصري هو الآخر لا يتوانى عن إثبات أن حكامه قد خرجوا من صلبه وأنهم يمثلون الانحطاط الذي وصل إليه الشعل أخلاقيا واجتماعيا.
فهذا الشعب الذي لا يتردد في البناء على الأراضي الزراعية وتدمير ثروة مصر الزراعية هو نفسه الذي يحمل الحكومة مسؤولية تطوير الزراعة وتوفير المواد الغذائية.
الطرق الزراعية في مصر الآن مليئة على جوانبها بالبنايات المخالفة ولا تجد أحد يمكن أن يتعظ إذا حدثته عن خطورة هذا الفعل إذا استررنا في فعلا على مدار سنوات ..

منذ فترة قررت وزارة التموين تقرير حصة من الخبز البلدي المدعم لكل المواطنين وأعلنت عن برنامج تحفيزي لحث المواطن على ترشيد استهلاك الخبز. لكن الموطنين المصريين يقومون بما لا يخطر على بال بشر. يجمعون بطاقاتهم كلها ويسلمونها لمندوب منهم يصرف لهم حصتهم كاملة يوميا من الخبز. وهو ما يؤدي إلى تراكمه في بيوتهم. فيقومون بتجفيفه وتقديمه للطيور التي يربونها على أسطح منازلهم.

المواطن المصري يقدم خبز مصنوع من القمح للطيور والمواشي بديلا للعلف ومواطن مصري آخر لا يجد هذا الرغيف من الأساس.

في مدينتي القبيحة التي لا تحتمل قبحا فوق قبحها الشوارع مزدحمة والناس سفلة في أخلاقهم والهواء ملوث وكل شئ يدعو إلى الموت البطئ ويأتي أحدهم ببضاعة -أحذية رجالي- ويبدأ في رصها أمام الرصيف ويحتل مسافة مترين في نهر الطريق. ما هي الطريقة التي يفكر بها هذا الرجل ليصل إلى هذه الفكرة؟ ومن أين أتى بكل هذا الحماس واستجمع كل تلك الشجاعة للمخاطرة برأس ماله المحدود بوضعه في الشارع عرضة لرجال البلدية في أي لحظة.
في الحقيقة لن يسأل أحد هذا الرجل عما فعل وسيترك وسينضم إليه المزيد من الباعة على الأرصفة وسنقطع هذا الشارع القصير الحقير في ساعتين في المستقبل القريب.

هكذا دوما تبدأ الكثير من المشاكل في مصر. من جهل الشعب واستهتاره واستنزافه لموارد هذا البلد بدون أدنى وعي بأي شئ..
وبهذا كله ولأنني أدرك أنه لابد من لحظة سنحتاج فيها لاستذكار أفكارنا عن الإصلاح ربما قد لا نكون أحياء في حينها فإنني أدون هذا الكلام المكرر والممل عن إن إصلا هذا البلد لن يتم بدون تعليم هذا الشعب معنى الآدمية والمسؤولية وتلقينه دروس حقيقية عن الأخلاق وهذا لن يتم بدون إرادة سياسية حقيقية وارتقاء بمستوى الإعلام والتعليم على مستوى الوسائل وعلى مستوى الأهداف.
استطيع أن أقول أن كل حكام مصر لهم مصلحة في الابقاء على جهل هذا الشعب اعتقادا منهم بأن المواد الطبيعية لا تنفذ واعتمادا على ما تقدمه الحضارة الغربية من منتج ثقافي وعلمي ودعم مادي لنا كدول صديقة. لكن النار بدأت تأكل في الهشيم وأساساتنا تهدمت ونحن مثل الرماد في انتظار قطرات المطر.
لا أظن أننا بعيدون عن إعادة العصور الاستعمارية من جديد مادمنا بلا إرادة ولا وجود وعبئا على العالم وندمر مواردنا بأنفسنا وأيدينا. حينها أعتقد -وأظن أنني محايد- أن من لا يفكر في غزو هذه البلاد ليس سوى أحمق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Followers

Featured Posts