أسباب أخرى للفشل المصري


لدي اعتقاد راسخ أن رفاهية الشعب المصري مرتبطة بأمرين الأول هو التوقف عن التهام الأراض الزراعية لبناء المساكن والتوجه للصحراء والأمر الثاني هو التوقف عن بناء المباني ذات العدة أدوار ..
لا أعرف كيف يصر المصريين على الانحشار في الوادي الضيق وترك الصحراء الواسعة الشاسعة حيث يمكنه بناء مسكن واسع ذو حديقة وفناء وجراج خاص بدلا من زحام القاهرة والأقاليم الخانق حيث أن المباني ذات الأدوار الكثيرة تحتاج لمساحات في الشوارع -الضيقة- لركن وتسيير سيارات سكانها بينما في المدن التي تعتمد على البيوت المكونة من طابق واحد أو اثنين وتلتزم بمساحات فاصلة بين البيوت يكون نصيب المواطن وسيارته من الشارع أكبر بكثير..
***************
 صورة للشكل التقليدي للمسكن المصري حيث بيوت صغيرة ضيقة متكدسة في منطقة ضيقة حيث:
لا مكان لركن السيارات فيضطر السكان لركن سياراتهم في الشوارع العمومية ضاغطين على حركة المرور اليومية
لا أماكن ترفيه أو تسلية



صورة بالقمر الصناعي لإمبابة.. انظر كمية البيوت المتراصة بشكل فسيفسائي مثير للشفقة على سكانها و أطفالها




صورة أخري للأبراج التي يتم زرعها في الشوارع الضيقة بالقرب من وسط المدن ضاغطة على شبكة المرور بسيارات أصحابها وبجلب مزيد من الزحام لمركز المدينة

أتساءل .. كيف يمكن أن ينمو خيال طفل أو تلميذ في منطقة موبوءة مثل هذه .. كيف يمكن أن ينال المواطن قسطه من الهواء والمناطق الخضراء .. ماهو شكل التسلية أو الترويح الذي يمكن أن يستنشق الإنسان خلاله هواء نظيف ؟.. أين المكان الذي يمكن أن يحظى فيه الإنسان بأشعة الشمس وبعض المناظر الطبيعية ..

في الحقيقة أتساءل كيف قام المصريين بثورة يملأها كل هذا الخيال وقد نشأنا في صناديق القمامة هذه ؟ ... لدي إجابة بسيطة على هذا التساؤل تكمن في الإعلام وما ينقله عن الشاطئ الآخر للأطلسي أو المتوسط حيث نقيض كل مانفعله أو نتفنن في فعله من تعذيب أنفسنا وتبذير أموالنا على هذا الهراء ..



منزل أمريكي مصنوع بالكامل من الخشب


أحد شواع كاليفورنيا





في اعتقادي أن هذا الفرق في العمارة وتخطيط المدن هو سبب تفوق الغرب علينا في نواحي كثيرة .. بالتأكيد لديهم عمائر قبيحة نشاهدها أيضا في الأفلام لكنها لفقرائهم أما في مصر فنحن نعشق إنفاق مليون جنيه في شراء منزل من خمس طوابق على واجهة واحدة في شارع عرضه 6 متر لا تستطيع سيارة المطافئ أو الإسعاف أن تدخله ..
المسألة ليست متعلقة  بالفقر والغنى .. إنها مسألة خيال .. فقر خيال نعاني منه بدرجة تجعل الانتقال إلى إحدى المدن الجديدة والحصول على منزل واسع بحديقة ومساحات واسعة لركن السيارة أمر صعب على أنفسنا ..
فقر الخيال في الحكومات التي تفنن في إدارة وتخطيط المدن بعشوائية شديدة وغباء مطلق في جعل حياة الناس كئبة وحزينة ..


********************


مقطع من كتاب نشأة الروح القومية المصرية  يتحدث عن إنجازات الخديو اسماعيل في تخطيط وبناء مينة القاهرة على الطراز الغربي(1)

في الحقيقة أتألم كثيرا فنحن لم نحافظ على هويتنا المعمارية ولم نقلد الغرب في معمارهم بل استخدمنا الطفرة الحادثة في مواد البناء واساليب التشييد في جعل حياتنا أكثر كآبة وظلام ..

 هكذا كنا في الماضي

صورة التقطها بموبايلي في إحدى المظاهرات بمدينة الزقازيق


مصر تملك الإمكانت المادية اللازمة للنهضة لكنها لا تملك الإرادة لتكون دولة رفاهية ينعم أبناءها بالجمال وهذا الموضوع لاينطبق على المعمار فقط لكنه مثال لما يحدث في الاقتصاد والسياسة وكل أنواع الفشل المصري ..
------------------------------------------------------------------------------
(1)  طبقا لهذا النص فإن المقصود بهذه الجزيرة هي بولاق الدكرور حيث تكون تسميتها الأصلية  "بو لاك دو كير Beau ac du caire" بالفرنسية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Followers

Featured Posts