ثورتنا علمانية

أقول أن ثورتنا علمانية. نعم. ثورة يناير ثورة علمانية. فقد رفعت شعارات علمانية لا يستطيع دين أن يحتكرها وهي العيش والحرية والعدالة الإجتماعية ;رفعها المسلم والمسيحي الملتزم والمتحرر في مواجهة نظام يصف نفسه أيضا بالعلمانية ولم تكن علمانيته بأي شكل موضع نقاش أو اعتراض من التيار الرئيسي الفاعل في المجتمع ;  اللهم إلا استخدامها كذريعة لانتهاك حقوق الإنسان مع ابناء الجماعات الدينية المتطرفة.
وفي المقابل لم ترفع ثورة يناير أي مطالب دينية تتعلق بتمييز دين الأغلبية أو تطبيق شريعته ولم يكن ذلك مطلبا معلنا من الأساس بل كانت المطالب المتعلقة بالدين لا تتعدى مطالبة برفع سقف حرية الدعوة الدينة وعم التعرض لها أمنيا.

ثم جاء التيار الديني واستولى على الحكم ورفع شعارات من قبيل " مصر إسلامية" و "الإسلام هو الحل" وأنه هو من قام بالثورة وحده وأن ثورته –كما يدعي- إسلامية واستخدم في ذلك آلة إعلامية ضخمة لنشر هذه الأفكار وحول المساجد إلى منابر إعلامية رخيصة لتأييد هذه الأفكار.
هذا النظام المتستر بالدين أيضا استخدم العلمانية كفزاعة في مواجهة أعداء الداخل واستخدم علمانيي الداخل في مواجهة ضغوط الخارج!
ثم جاءت ثورة الثلاثين من يوليو لتؤكد لمن لا يستطيع الفهم أن سابقتها في يناير كانت علمانية في مواجهة نظام علماني فاسد وفاشل في مناحي الحياة ولم تجد وسيلة للتعبير عن ذلك سوى عقد تحالفات مع النظام الذي ثارت عليه من قبل. ورفعت في ذلك شعارات علمانية صريحة وكانت بمثابة عقد اجتماعي جديد بعد أن ثبت أن هناك ثغرة في العقد الذي تم كتابته في يناير 2011
; ضمنيا أقصد بالتأكيد.
وكأننا أمام مشهد درامي يضطر فيه المؤلف لعقد تحالفات بين أعداء الامس لتوضيح فكرة أو قيمة معينة.

لا أعرف لماذا الآن يتم التغاضي والتواطؤ ضد وضع علمانية الدولة كنص في الدستور المزمع كتابته رغم كل ما ذكرته ويذكره غيري. ولا أعرف ماذا يكفي اكثر من ذلك لإقناع من لا يقتنع. ولا أعرف معنى لمطاردة جماعة سقطت من الحكم وكرهها شعب بأكمله في أقل من عام وعدم التصدي لأيديولوجيتها الفاسدة في وثيقة الدستور التي نكتبها تأسيسا لجمهورية جديدة.

علمانية الدولة المصرية كانت وستظل مفتاح نهضتها والإقرار بها مفتاح لنيل المواطن كثير من حقوقه وسبيل للإعتراف بأقليات أخرى غير الأقليات الدينية مثل الأقليات العرقية والثقافية ..
علمانية الدولة المصرية دائما اقترنت بنهضتها بدءا من محمد علي وانتهاءا بجمال عبد الناصر.
إنني أطرح العلمانية كحل لمعظم مشاكلنا اليومية وكمنطق لإدارة الدولة وكبداية للتفرغ للمشاكل الأكثر إلحاحا من التساؤل عن جواز تهنئة الأقباط في أعيادهم!

Followers

Featured Posts