مبارك العلماني


"إن مصر دولةٌ علمانيةٌ تفصل الدين عن السياسة، لكنها تعتمد الشريعةَ الإسلاميةَ مصدراً أساسياً للتشريع" هكذا قال أحمد نظيف في مقابلة مع قناة العربية قبل ثلاثة أشهر من الثورة التي أطاحت به أول ما أطاحت .. هل هذا يروي ظمأ المتطلعين للعلمانية في مصر وبخاصة المتطرفين منهم أمثالي ؟
في الواقع نظام مبارك ضرب العلمانية والليبرالية والإشتراكية وكل الأفكار في مقتل .. كان مبارك العلماني هذا لا يكف فقهاؤه عن الدعاء له على المنابر والدعوة بحرمة الخروج عليه أو الاعتراض على سياساته -بعض هؤلاء يملأ الدنيا ضجيجا باسم الإسلام والثورة الآن-. مبارك العلماني أيضا هو الذي وافق على إنشاء عشرات القنوات الوهابية على النايلسات وهو يعلم ما بها ولكن لا ضرر طالما أنها لا تعارضه بل كلفهم الأمن بمهام متطورة من حيث القذارة وهي مهاجمة المعارضين له وتسفيههم وتسفيه أدواتهم السلمية .


سياسات مبارك لم يكن فيها انحياز واضح لأي أيديولوجية ومن الغباء وصفه بالعلمانية لأن هذا إهانة للعلمانية نفسها فهو الذي تواطأ مع الإسلاميين على نبذ مصطلح العلمانية من القاموس السياسي المصري .. بالفعل نجح مبارك في شل يد الإرهاب -حركيا- في التسعينات لكن آلته الإعلامية -وكانت متفردة حينها على الساحة- تخاذلت عن تلميع الفكرة التي يصف نفسه بها أمام الغرب وعجز فشله السياسي والاقتصادي عن تبييض وجوه المبشرين بالعلمانية في حينها أو ربما أدى فشله وفساده لإلتحام أشد القوى العلمانية تطرفا باليمين الإسلامي الفاشي لإسقاطه كما حدث في ثورة يناير المجيدة.  بل إنه سجن ونكل معارضينه المنتمين لليسار وللليبرالية على حد سواء.. بل إنه ترك المجال للإسلام السياسي في المساجد والإعلام والصحافة والجامعات طوال 30 سنة من حكمه .. حتى هذه القوى السلفية التي استضعفها بآداته القمعية لم يحاول وأد أفكارها أو عزلهم عن المجال العام بل حولهم لآداه تضفي القداسة والشرعية الدينية على حكمه المديد ..



مبارك العلماني هو الذي أفسد بأمن الدولة كل المحاولات الجادة لتكوين معارضة مدنية جادة تبادل معه السلطة أو تنازعه أضواء الكاميرات. ولم يبق سوى قوى الإسلام السياسي تداعب خيال البسطاء من على المنابر والفضائيات عن الحكم الإسلامي وبحور العسل واللبن . بل إنه كان يعقد الصفقات مع الإسلاميين دون غيرهم من المعارضة .. هو من فعل هذه الثنائية "الحزب الوطني/ الإخوان".
هل تريد أن تعلم ماذا فعل مبارك بالعلمانية ؟ أنظر من تنافس في الجولة الثانية لإنتخابات رئاسية حيث تنافست علمانية مبارك متمثلة في الزعيم المخمور أحمد شفيق وحفيد حسن البنا الذي عاش في امريكا بضع سنوات ولا يستطيع إكمال ثلاث عبارات بالإنجليزية بدون تهتهة ..
جدير بالذكر أن كل ما قيل في مبارك في هذا الموضوع ينطبق على العسكر ومجلسهم وهي تجربة قريبة وقصيرة وموجزة وبها نفس تفاصيل الأيام المباركية الخوالي ..
بعد كل هذا يترحم السذج على أيام مبارك لأنه كان علمانيا!! 
 صديقي العلماني : أنا أيضا علماني مثلك والأخوة اللي بيننا تقتضي القول إن مبارك مجرد إبن وسخة اللي بيكسب به بيلعب به وكذلك أتباعه وفلول نظامه .. عايز علمانية انضم لأحد الأحزاب اللي اسمها مدنية أو ساهم في تكوين تيار علماني قوي لا يستحي من إسمه وله أتباع يعرفونه بإسمه وانحت في الصخر وثقف نفسك واتكلم مع الشعب واكتب وعبر عن نفسك .. ترحمك على أيام مبارك أو التعاون مع فلوله لن يجلب لك سوى فساد عصره وفشله وبعض مظاهر الحداثة الفارغة وهذا ما لا نرضاه..

Followers

Featured Posts